وصمة عاري

صديقتي دانة...فلسطينية...أرثيها اليوم....بعد اغتيالها برصاص الإسرائيليين....صديقتي.....لن تكفيك كلماتي...ولا عبراتي....صديقتي....في جنة الخلد أنت

لا زلت أذكرها..عيناها السوداوين

جدائلها الطويلة..ضحكتها الطفولية

لازلت أذكر

مرحنا..ضحكنابكاءنا...آلامناأحلامنا

أحلام كثيرة..ملأت قلوبنا الصغيرة

منذ كنا في الثالثة من عمرنا

حتى أتممنا الثالثة والعشرين

افتقدتها كثيرا....منذ رحيل كل منا إلى وطنها

انقطعت عني أخبارها..لكني لم أيأس

عاهدت نفسي كثيرا بأن أجدها

ثلاثة أعوام متصلة من البحث

إلى أن وجدتها الأسبوع الماضي

حادثتها...سعدت كثيرا بمكالمتي الطويلة

انهمرت دموعنا...صدقا منا

أخبرتني عن موعد زفافها

رفرف قلبي في سماء من السعادة

فهاهي أختي

التي لم تلدها أمي....ستزف...إلى من أحبت

عاهدتها بأن أحضر عرسها

بل...وألبسها ثوبها الأبيض

بيدي...فكأنما هو عرسي أنا...لا عرسها

و منذ لحظات ليست بالكثيرة...أخبرت بزفافها المفاجئ

ارتدت صديقتي ثوبها الأبيض...وزفت...بدوني

إلى سماء رب البرية...عروس طاهرة...نفس زكية

اغتالتها أيد وضيعة....أيد دنيئة

رصاصة واحدة...كانت كفيلة بالرحيل

ما ذنبها....؟

ماذا اقترفت...؟

و إن اقترفت جرما....أتستحق عليه القتل غدرا...؟

لم يغمض لي جفن منذ أتاني النبأ

غضب عارم يعتريني

يعصف بكياني

يهزه هزا عنيفا

تنتفض روحي من فرط حنقي

فهاهم يعاودون عبثهم

و ها نحن نعاود صمتنا

صمت حقير...صمت تشمئز منه نفوسنا

صمت

تنكره قلوبنا...و لا نملك إلا دموعنا

صديقتي

لن تكفيك دموعي....وإن انهمرت عليك العمر كله

صديقتي

لا....لن أبكيك

فشهيدة أنت

و ذليلة أنا

رحلت عني رفيقة الطفولة والصب

ارحلت....تركتني وحيدة

لأجابه الآلام وحدي

لن تفارق صورتها خيالي

كما الدرةنعم...كما الدرة

ياللمفارقة

دانة هي...ودرة هو

كلاهما فلسطيني

كلاهما مغدور به

كلاهما مجروح القلب الآن

فقد أهدرنا دمهما بأيدينا

بذلتنا

بصمتنا...الذي هو وصمة عارنا
منى المحمودي
4\6\2007